كلما تحدثت إلى أحد من أصدقائي عقب انتهاء مباراة تشيلسي وبرشلونة - والتي تأهل من خلالها الأخير إلى نهائي دوري أبطال أوروبا بفضل التعادل الإيجابي- يخبرني أن الفرحة كانت عارمة لحظة دخول كرة اندرياس انيستا مرمى بيتر تشيك في معظم المقاهي والتجمعات التي تشاهد المباراة، الأمر الشبيه بهدف محمد أبو تريكة في مرمى الصفاقسي التونسي عام 2006 في نهائي أبطال إفريقيا في الدقيقة 92 من عمر المباراة.
فقد روى لي صديق أنه تابع الشوط الأول على أحد المقاهي ولم يكمل المباراة، وإذا به يسمع صراخاً عالياً، فتيقن صديقي أن تشيلسي قد أحرز هدفه الثاني، وعندما سأل أحد المتابعين، أجابه وهو ينظر إلى شاشة التليفزيون "ده بايني كدة مانشستر وتشيلسي بيلاعبو بعض، وواضح ان مانشستر جاب جون"، فأيقن حينها صديقي أن البلوجرانا "الفريق الآخر" قد أحرز التعادل.
وقال لي صديق آخر "الناس مخنوقة طول الماتش، وتشيلسي عمال يدافع وأول مالجون بتاع انيستا جه محستش بنفسي من كتر الفرحة والناس كلها نطت من عالكراسي".
هذا هو نفس الاحساس الذي تذوقه جمهور الأهلي عندما سجل تريكة هذا الهدف الشهير والذي دخل به التاريخ، ومن المؤكد أن الجميع قد تذوق حلاوته.
فريق برشلونة نجح في أن يكون معشوق الجماهير بمختلف جنسياتها، نظراً للكرة الرائعة التي يقدمها ويمتع بها عشاقه، في الوقت ذاته أبدى العديد استيائهم من الأسلوب الدفاعي الذي التزم به البلوز في مباراتي الذهاب والعودة .. وهنا يبرز سؤالان:
- هل أنت كمشجع ستحتمل تشجع فريق يغلق مساحاته على الخصم ويسجل هدفاً في كل مباراة دون الخروج بمتعة حقيقة من اللقاء.
- هل أنت كمشجع تستفيد مادياً من أي نادي تؤازره أم أنك تؤيده لأن كرة القدم ليست أكثر من لعبة رياضية تجد فيها متعتك وسعادتك خاصة وإن كان فريقك من أصحاب البطولات.
لن أخوض كثيراً في تحليل المباراة، ولكني سوف أقول ان "روح" جوارديولا تغلبت على "قوة" هيدينك، فقد قال لي أحد أصدقائي عقب انتهاء مباراة الذهاب والتي انتهت بالتعادل السلبي إن "القوة" غلبت المهارة"، ولكن يبدو أن "الروح قد هزمت القوة"هذه المرة. بيب جوارديولا لم يكن أكثر ذكاء وخبرة من الداهية جوس هيدينك، ولكنه أخبر لاعبيه بين الشوطين باللعب حتى الدقيقة الأخيرة، وهذا ما حدث بالفعل حيث ان الهدف جاء في الدقيقة 93 من عمر المباراة.
إن أي فريق سيتعرض للظروف التي تعرض لها البارسا قبل وأثناء المباراة، والتي كان أبرزها غياب الدولي الفرنسي تيري هنري ورافا ماركيز بسبب الاصابة، وقلب الدفاع كارليس بويول للايقاف، ولجوء جوارديولا بتغيير ملامح الفريق بالاضافة إلى طرد إيريك أبيدال دون وجه حق .. كنا سنلتمس له العذر إذا ما سقط ولكن الفريق الكتالوني لم يسقط.
إن الروح الموجودة بين اللاعبين والتي تجري في عروقهم بفضل المدرب الشاب، قد تكفلت بقلب الطاولة على فريق عريق مثل تشيلسي ومدرب مخضرم كالرهيب جوس هيدينك، وأين .. على ملعب ستامفورد بريدج في قلب عاصمة الضباب.
ملحوظة:
البرهان على أن جوارديولا لايملك سوى تلك الروح العالية، قفزته وانطلاقه من نصف الملعب إلى أقصاه ليحتفل بالهدف مع لاعبيه، الأمر غير المعهود على معظم مدربي الفرق الكبيرة حتى وإن كان الهدف قاتلاً.